هل إسرائيل هو يعقوب؟.. الباحث إبراهيم بدر يحلل حديث شهر بن حوشب

تطرق الباحث إبراهيم بدر إلى مسألة مهمة تتعلق بشخصية النبي يعقوب وارتباطه باسم إسرائيل. إذ أكد أن يعقوب ليس هو نفس الشخص الذي يُعرف بإسرائيل، مقدماً أدلة من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة، التي تدعم هذا الرأي.

هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب؟

ذكر الباحث إبراهيم بدر، حديث عن شهر بن حوشب، عن عبد الله بن عباس قال، حضرت عصابة من اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا أبا القاسم، حدثنا عن خلال نسألك عنها، لا يعلمهن إلا نبي.

وكان فيما سألوه: أي الطعام حرم إسرائيل على نفسه قبل أن تنزل التوراة؟، قال: فأنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب عليه السلام مرض مرضًا شديدًا، فطال سقمه، فنذر لله نذرًا لئن شفاه الله من سقمه، ليحرمن أحب الشراب إليه، وأحب الطعام إليه، فكان أحب الطعام إليه لحم الإبل، وأحب الشراب إليه ألبانها؟" فقالوا: اللهم نعم. [مسند الإمام أحمد].

تحليل روايات الحديث

قال الباحث بدر، إن الحديث له روايتان أساسيتان، وهو حديث حسن من المحتمل أن يتم الاستشهاد به وقبوله، وهذه نقطة ليس عليها خلاف، وإليكم الروايات ما بين الحسن والصحيح:

الرواية الأولى تضمنت ثلاث طرق

الطريق الأولى: حدثنا حسين، حدثنا عبد الحميد بن بهران، عن شهر بن حوشب، الشاهد في الرواية عبارة: "هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب عليه السلام"، والحكم فيها أنها حسنة.

الطريق الثانية: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا عبد الحميد بن بهران، عن شهر بن حوشب، والحكم أنها حسنة.

الطريق الثالثة: حدثنا عبد الله، حدثنا محمد بن بكار، حدثنا عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، والحكم أنها حسنة ولكنها لا تحتوي على جملة "هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب؟".

ملاحظات: نفس الراوي الذي روى الحديث وأثبت فيه عبارة "هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب"، قدم رواية أخرى لا يوجد في متن الحديث هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب؟

الرواية الثانية: من بكير بن شهاب، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس، وتضمنت طريقين:

الأولى: عن عبد الله بن عبد الرحمن، قال: أخبرنا أبو نعيم، عن عبد الله بن الوليد، عن بكير بن شهاب، عن سعيد بن جبير، الرواية صحيحة، ولكنها لا تحتوي على كلمة يعقوب.

الثانية: حدثنا أبو أحمد، حدثنا عبد الله بن الوليد العجلي، عن بكير بن شهاب، عن سعيد بن جبير، الرواية حسنة ولكنها لا تحتوي على كلمة يعقوب.

وأضاف: لا يوجد خلاف على الروايات السابقة غير رواية شهر بن حوشب، حيث أثبت فيها هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب، فهو يعتبر من أكثر الرواه الذين تم الاختلاف حولهم

أبو حاتم الرازي: قال إنه لا يُحتج بحديثه.

أبو بكر البيهقي: وصفه بالضعيف.

شعبة بن الحجاج: لم يعتدّ به.

زكريا بن يحيى: وصفه بأنه ضعيف وليس بالحافظ.

وصفه من أهل الجرح والتعديل بأن أحاديثه ليست ثقة

منهم من قال: صدوق ولكنه كثير الأوهام والإرسال.
منهم من قال: ضعيف وليس بالقوي.
منهم من قال: ذكر أن أحاديثه لا تشبه الرواه ويروي الغرائب

ملاحظات حول الحديث:

يوضح بدر أن الإمام أحمد بن حنبل، صاحب المسند، وصف حديث شهر بن حوشب بأنه "مقارب الحديث"، وهي مرتبة تدل على أن الحديث يُؤخذ للاعتبار لا للاحتجاج.

بما أن عبارة "هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب" وردت فقط في رواية شهر بن حوشب التي تعد ضعيفة من حيث الحفظ، فإنها لا تصلح كدليل قاطع على أن إسرائيل هو يعقوب، في حين أن لشهر بن حوشب رواية بدون هذه العبارة ولكن لقلة ضعف هذا الحديث فلا يتم اتباعه.

واستدل بدر دليل من السنة النبوية، في حديث صحيح بالبخاري، عندما فتحت خيبر، قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "اجمعوا لي من كان هنا من اليهود ثم سألهم عن أبيهم، فقال لهم النبي: "من أبوكم؟" فقالوا: فلان. قال: "كذبتم، بل أبوكم فلان."

ويشير هذا الحديث إلى أن اليهود قد كذبوا بشأن اسم أبيهم الحقيقي، مما يعزز أن اليهود نسبوا أنفسهم إلى يعقوب عليه السلام بزعم أنه إسرائيل.
خلاصة:

والحديث الذي يعتمد على عبارة "هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب" لا يوجد له شواهد أو متابعات قوية، وهو قائم على راوٍ ضعيف (شهر بن حوشب)، وبناءً على الأدلة الصحيحة، لا يوجد ما يثبت قطعيًا أن إسرائيل هو نفسه يعقوب عليه السلام.

اقرأ ايضا:

إبراهيم بدر يكشف مراحل انتقال تابوت العهد من بني إسرائيل إلى المصريين

العلاقة بين الهكسوس وبني إسرائيل.. الباحث إبراهيم بدر يقدم تفسير تاريخي حول مملكة داوود وسليمان