كيف لعب الغرب دورًا في انقسام السودان إلى دولتين؟.. صراعات طائفية منذ 142 عامًا

يتساءل البعض عن الأسباب التي أدت إلى تقسيم السودان إلى دولتين، واحتدام الصراع بين شمالها وجنوبها، ليتضح في نهاية الأمر، أن ألاعيب الغرب كان لها دورًا مؤثرًا في حدوث هذا الانقسام، الذي تسبب في تحول حياة نحو أربعين مليون نسمة، ونزوح أغلبهم إلى الدول المجاورة؛ لذلك سنكشف لكم عبر موقع "صوت المجلة"، القصة الكاملة لـ انقسام السودان.

كيف لعب الغرب دورًا في انقسام السودان إلى دولتين؟

تم تقسيم السودان فعليًا عام 2011، لكن القصة لم تبدأ من هذا التاريخ الحديث، فقبل 142 عامًا منذ نزوح المستعمر البريطاني، كان التاريخ الحديث يرسم السودان على نحو إمبراطوري، فقد أعلنت القاهرة عن حدودها الجديدة وهيمنة السودان على مساحة شاسعة من أراضي وادي النيل الخصيب من مضيق باب المندب جنوبًا إلى ساحل المتوسط شمالًا، ومن أوغندا في الغرب حتى الحدود الغربية للدولة المصرية.

والحقيقة أن هناك أسباب حقيقية وأخرى خفية، كانت وراء انقسام السودان إلى دولتين، لخدمة دول أجنبية وحروب أهلية، وكذلك التمرد الذي اكتسى ثوبًا طائفيًا يحمل تحت عباءته شعارًا للاستقلال، ففي عام 1955 بدأ التمرد ولكن بشكل بدائي، وذلك بسبب عدة عوامل منها ضعف الحكومات المتعاقبة، وإخفاقها في تحقيق العدالة بين الشمال والجنوب، مما تسبب في تنامي التمرد وانتظامه في شكل عسكري احترافي.

وأخذ الموضوع منعطفًا آخر في عام 1997، فأصبحت المعارك تُدار في السودان من قبل جيوش ثلاث دول مجاورة، وأسهمت بشكل فعال في تقوية النزاع ودعمها عسكريًا لتقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة حتى يتمكن الغرب من السيطرة عليها ونهب ثرواتها، وكذلك فتنة طائفية قطعت حبال الود بين أبناء السودان، وفتحت طرقًا من الصراعات المذهبية، مما أثمر عنه انعكاس الرؤية لدى أهل الشمال والجنوب.

فيرى أهل الشمال أن جنوب السودان يسعون للقضاء على التواجد الإسلامي العربي في شمال السودان، بينما أهل الجنوب يرون أن الشماليين يسعون للقضاء على التواجد المسيحي في السودان، حيث تتجاوز نسبة المسلمين في شمال السودان 95%، في حين أن جنوب السودان تتجاوز فيه نسبة من يعتنقون المسيحية 85%، ويوجد بين كلا الطرفين عداءً بالفطرة انتقل من السلف إلى الخلف، ومن هنا لعب الغرب على أوتار الصراعات العرقية، وقدم مساعدات إنسانية وإعانات معيشية لأهل الجنوب السوداني، كما مدت العديد من الدول الأوروبية الحركات الجنوبية بالأسلحة والمعدات القتالية لمهاجمة الحكومة، وساهمت تلك الحروب الإجرامية في تسريع وتيرة الصراعات المؤدية إلى انقسام السودان.

استحوذ جنوب السودان على 85% من النفط الموجود في الأراضي السودانية، فقد لامس إنتاج الجنوب ما يقرب من 500 ألف برميل يومياً، وهو رقم كبير بالنسبة إلى بلد زراعي آمن، ولم يكن ينعم السودان بتلك الخيرات، ولا ينعم الشمال ولا الجنوب بالاستقرار، وسرعان ما لف الغرب عصا الإرهاب حول عنق السودان، فتمت إحالة ملف الرئيس السوداني للجنائية الدولية بسبب اتهامات أمريكية وبريطانية عن مسؤوليته في انتهاكات دارفور عام 2002، فرضخت الخرطوم إلى اتفاق مشاكوس الإيطالي، والذي أعقبه اتفاق نيفاشا النهائي عام 2005، الذي وضع جدولًا للتقسيم.

ليقع الانفصال الرسمي وتقسيم السودان إلى دولتين سنة 2011، وحينها اندلعت الحرب الأهلية في الجنوب السوداني وانتشرت الجرائم بشكل مريع، والأمراض الفتاكة مثل الملاريا والكوليرا، وازدادت معدلات التضخم والبطالة وأزمات الوقود، وكل هذا لم يتحرر الشمال من تهم الإرهاب، ولا أن يظهر الجنوب ظهره المحمي بوعود الغرب المزيفة، لتصبح السودان الآن تتكون من 3 مناطق رئيسية هم الشمال والجنوب ودارفور، وكل منطقة منهم تحتوي على مناطق استراتيجية.

اقرأ أيضًا.. ثغرة غير متوقعة | الجيش السوداني يحاصر قوات الدعم السريع في الخرطوم.. هل اقتربت نهاية الحرب؟

العلامات

موضوعات ذات صلة

تعليق / الرد_من