عرفت بأفعى الحرملك.. من هي السلطانة "صوفيا" التي أنهت حياة 18 أميرًا للانفراد بالعرش؟

تعد الدولة العثمانية، من الممالك الإسلامية التي اتبعت نظام الوراثة لتولي العرش العثماني، وذلك النظام كان يدفع العديد من أفراد العائلة المالكة في تدبير عددًا من المكائد الدموية والتخلص من أخواته وأقاربه للوصول إلى الحكم، ومن أكثر المكائد الدموية التي حصلت في عهد الدولة العثمانية، هي مكيدة السلطانة صوفيا للتخلص من 18 أمير لانفراد بحكم الدولة العثمانية لأبنائها.

ويستعرض لكم موقع "صوت المجلة" قصة السلطانة صوفيا التي قتلت 18 أميرًا بدم ًا باردًا.

قصة السلطانة صوفيا زوجة السلطان مراد الثالث

برغم مشاعرها السوداوية، عرفت السلطانة صوفيا أو صفية بملامحها الملائكية، وهي فتاة تنتمي لعائلة ثرية، والدها كان حاكما على منطقة البندقية وتلقت تعليما جيدا ولكن في سن 15 من عمرها، تغيرت حياتها تمامًا.

فعندما خرجت صوفيا في جولة سياحية للبحر الأبيض المتوسط، وقعت في أسر القراصنة العثمانيين، وتم عرضها للبيع في سوق الرقيق بإسطنبول، وحينها اشتراها السلطانة هوما شاه ابنة الأمير محمد بن سليمان القانوني وأهدتها إلى ولي العهد الأمير مراد ابن السلطان سليم الثاني.

وبعدها انتقلت صوفيا من سوق الرقيق إلى الحرملك إلى قصر السلطنة، وحينها تعلقت بالأمير مراد الثالث نحوها، و استطاعت الاستحواذ على ناظريه بجمالها الساحر.

وعندما تولى الأمير مراد الثالث عرش الدولة العثمانية، جعل من صوفيا سيدة لنساء الحرملك وتمت تسميتها بصفية، وأصبح لديها مكانة وسيادة في القصر الملكي، وبسبب ذكائها وجمالها، اكتسبت صفية في البداية عداوة لكثيرين خاصة من نساء الحرملك، لكن بفضل ذكائها ودعم زوجها، تغلبت على تلك العداوات وعززت مكانتها الجديدة، وازدادت نفوذها، وكانت كلمتها كالأمر في جميع شؤون السياسة العثمانية.

ولم تنسى صفية أصولها، إذ ظلت متعلقة بمدينتها البندقية، وعملت على تقوية العلاقات بين اسطنبول والبندقية بما يصب في صالح البندقية، ولم يعترض مراد الثالث على رغبات زوجته صوفيا، خاصة أن السلطان كان يفضّل حياة الترف ومجالسة المغنين على التفرغ للحكم والسياسة.

وفي الحقيقة صوفيا، زوجة المراد الثالت كانت الحاكم الحقيقي للدولة العثمانية، وتجلى ذلك في الأمور الدبلوماسية بين العثمانيين والمملكة المتحدة، وذلك عندما أرادت الملكة اليزابيث الاولى التحالف مع العثمانيين ضد الأسبان.

وحينها كان القصر العثماني وضع شرطا لقبول التحالف، وهو إعلان اليزابيث الخضوع للسلطان مراد، الشرط الذي لم تتقبله اليزابيث بأي حال، لكن السلطانة صفية تدخلت بنفوذها وألغت ذلك الشرط، كما منحت شركة الشرق البريطانية امتيازات تجارية هائلة في الموانئ العثمانية، وهذا مكن الإنجليز من الإفلات من الحصار الاقتصادي الذي فرضه عليهم الإسبان.

أنهت حياة 18 أميرًا للانفراد بالعرش

وحينما أنجبت صفية ولدًا من زوجها مراد الثالث، لم تره سوى وليا للعهد العثماني، لكن مراد كان يملك 18 ولدا من الأبناء الذكور، مما يمنع ولاية السلطة لابنها في حين موت زوجها، ولذلك رسمت صفية خطة محكمة لتمهيد العرش العثماني لأبنها من مراد الثالث.
فعندما كان مراد الثالث يلفظ أنفاسه الاخيرة على فراش الموت، أمرت السلطانة صفية أمرت اتباعها بالتسلل إلى غرف أبناء زوجها وقتلهم خنقًا بأسلاك بدم بارد، وبذلك مكّنت صفية نجلها محمد الثالث من الحكم لترتفع سلطتها في الحرملك، خاصة أنها والدة السلطان، وبفضل تلك المكانة أصبحت الحاكمة الفعلية للبلاد، وكانت تعين أو تعزل الصدور العظام والوزراء.

ووضعت صوفيا خطة لمستقبلها ومستقبل ابنها، وتلك الخطة عرفت باسم أقفاص الأمراء حيث كان الذكور من آل عثمان يحبسون داخل أجنحة معزولة عن العالم داخل الحرملك بدلا من تدريبهم على شؤون السياسة وفنون الحرب، وخطة صفية السودادوية سببت أثر نفسي على السلاطين الدولة العثمانية في الأجيال التالية.

نهاية السلطانة صوفيا

وبعدها، أنجب محمد الثالث ابنه أحمد الأول، وعند توفى محمد الثالث انتقل الحكم لابنه أحمد، وبمرور الأيام ظهرت جارية تفوق صفية قوة وذكاءً ونفوذًا وهي كوسم محظية أحمد الأول، التي استطاعت تقليص دور صفية وكسر شوكتها حتى ماتت وحيدة منسية في قصرها القديم في العاشر من نوڤمبر 1619 ودُفنت في القبر مع السلطان مراد الثالث في مسجد آيا صوفيا في إسطنبول، لتواصل كوسم عصرًا جديدا لأربعين عامًا من سيطرة ونفوذ نساء الحرملك على الحكم العثماني.