نشأة صلاة الدين الأيوبي

كلمة صلاح الدين الأيوبي عن الأقصى

حمل صلاح الدين الأيوبي أزمة احتلال الأقصى على عاتقه، عندما كانت أسيرة للصلبيين، وكان دائما يقول: "كيف أبتسم والأقصى أسير؟ والله إني لأستحي من الله أن أبتسم وإخواني هناك يعذبون ويقتلون".

ويتميز صلاح الدين الأيوبي، بعدة صفات منها، قائد جسور وسلطان شريف وبطل هُمام ومحارب مقدام.

ولادة صلاح الدين الأيوبي

حدث شيئًا غريبًا في يوم ولادة صلاح الدين الأيوبي، حيث طلب والي بغداد من والده وعمه أن يتركوا البلاد، وذلك بعد أن قام عمه أسد الدين شيركوه بقتل أحد قادة القلعة لأجل إمرأة أذاها في شرفها، ولذلك خشى والي بغداد من هذا الأمر وقال يمكن أن يجتمع القادة للثأر من شيركوه.

وبدأ يكبر صلاح الدين الأيوبي، وتكبر بداخله الحماسة والعنفوان، وكان يفرغ طاقته في ممارسة فنون القتال والفروسية، وأيضًا ممارسة الرمي بالسهام والصيد.

وكان أيضًا يحب العلم، ويجلس في حلقات العلم لتعلم العلوم الإسلامية، وحفظ القرآن ودرس الفقه والحديث، حيث تتلمذ على يد كبار العلماء وأبرزهم كان الشيخ قطب الدين النيسابوري.

كان يسمع صلاح الدين عن الصلبيين واعتدائهم على بلاد المسلمين، وفي هذه الفترة كان يعيش صلاح الدين وأسرته عند نور الدين الزنكي، وكان يحبه كثيرا ويحسن إليه.

كاتم الأسرار

كان نور الدين يكلف صلاح الدين بالذهاب إلى عمِّه لاستشارته في قضايا تخصُّ الدولة، والمكوس، والضَّمانات، فقد كان نور الدين يهتمُّ بمشاورة كبار قواده.، لذلك كان يطلق عليه لقب كاتم الأسرار وضابط الرُّكن الشخصي لنور الدين.

صلاح الدين في دمشق

انتقل صلاح الدين إلى دمشق، بعدما فرض الزنكي سيطرته على دمشق، واسند له رئاسة الشرطة، وتمكن بالفعل من تطهير دمشق من الفسدة واللصوص وأعاد لها الأمن والأمان.

وبعد ذلك وقف أيضًا صلاح الدين الأيوبي مع عمه شيركوه، وساعده في حملاته الثلاثة على مصر.

وبدأ صلاح الدين الأيوبي تأسيس الدولة الأيوبية، خاصة بعدما أسند الخليفة الفاطمي العاضد لدين الله منصب الوزارة لصلاح الدين عام ألف ومائة وتسعة وستين للميلاد.

محاولة اغتيال صلاح الدين الأيوبي

تعرض صلاح الدين لمحاولة اغتيال على يد أحد الحراس الفاطميين، حيث حاول التخلص منه، وتعيين الحرس الموالين له، لكنها فشلت.

كما زادت مكانة صلاح الدين في قلوب المصريين، وبدأ بعزل قضاة الشيعة وعيّن القضاة المنتسبين للمذهب الشافعي بدلا منهم.

كما قام صلاح الدين بمحو أصول المذهب الشيعي الإسماعيلي، وأمر بذكر الخلفاء الراشدين جميعًا في خطبة الجمعة.

وفي الفسطاط قام بتأسيس مدرستين على نهج أهل السنة، والمدرسة الناصرية والمدرسة الكاملية وكانتا على المذهبين المالكي والشافعي.

موت الزنكي

كل القرارات الجديدة التي اتخذها صلاح الدين الأيوبي، كانت سببا في توتر العلاقة بين صلاح الدين والزنكي، الذي خاف من تزايد قوة صلاح الدين، وحاول أكثر من مرة في خلعة.

لكن المرض منعه من تحقيق حلمه، حيث رقد الزنكي في الفراش، ومات بعد أيام قليلة، وبذلك كان صلاح الدين السيد الأوحد لمصر دون منازع.

فرقة الحشاشين

تعرض صلاح الدين الأيوبي، لمحاولات اغتيال على يد فرقة الحشاشين، ولكن نجاه الله منها ودخل معهم في حروب، حتى طالبوا الهدنة والصلح معه.
وافق بالفعل صلاح الدين على الهدنة، لأنه أراد توحيد صفوف المسلمين ضد الصلبيين.

معاهدة صلاح

وقام أيضًا صلاح الدين الأيوبي بعقد معاهدة صلح مع ملك بيت المقدس، فحين أغار الصلبييون على دمشق اعتبر ذلك مخالفا للمعاهدة، واعد جيش وتوجه لفلسطين.

وحاول الصليبيون تشتيت انتباهه لأماكن أخرى لكنه ركّز حملته على المناطق التي قصدها في فلسطين، حتى وصل إلى عسقلان وسقطت المدن بين يديه واحدة تلو الأخرى حتى وصل بوابات بيت المقدس.

هزيمة جيش صلاح الدين

بعدها قام بلدوين الرابع ملك بيت المقدس بجمع فرسان الهيكل وتنفيذ هجوم مفاجئ في منطقة تل الجزر قرب الرملة، فهزموا جيش صلاح الدين الذي تأثر بتلك الهزيمة واضطر للانسحاب لمصر لاستعادة جيشه من جديد.

ورغم استعداد الجيش لاسترجاع بيت المقدس، ضرب البلاد قحط وبسببه تعرضت المحاصيل للجفاف وذبلت، فبعث بلدوين لصلاح الدين لعرض هدنة عليه، فوافق الأيوبي على الفور نظرا للوضع.

اختراق الهدنة

استمرت الهدنة حتى وفاة بلدوين، فتم اختراقها من قبل من هم بعده وهاجموا القوافل التجارية للمسلمين وقوافل الحجيج ، وبعدها حاصر صلاح الدين الكرك ردًا على ذلك.

في 1187، نزل الصلبييون حطين، وسبقهم الأيوبي إليها، وكان معهم المعدات الحربية الثقيلة، ولكن عندما وصلوا تعرضت البلاد للعطش، لدرجة أنهم كانوا يشربون الخمر بدلا من الماء.

واستطاع الأيوبيون تمزيق صفوفهم وتشتيت شملهم واستفاقوا على كارثة فقدان عدد عظيم من جيشهم وخيرة جنودهم ، وأصبحت معركة حطين علامة فارقة في تاريخ المسلمين ضد الصليبيين الذين تكبدوا هزيمة كبيرة، يشهد عليها التاريخ حتى الآن.

دخول بيت المقدس

رأي صلاح الدين الأيوبي بعد ذلك، أن دخول بيت المقدس، يحتاج في البداية فتح مدن الساحل أولا.

واستطاع بالفعل فتح عكا ونابلس وحيفا والناصرة وقيسارية وصفورية، وحصل أيضًا على الكثير من الأموال والغنائم والبضائع والذخيرة، وتم أسر العديد من الجنود الصلبيين.

وبعد ذلك، اقام صلاح الدين في عسقلان ونظم ادارتها وسلمها لأحد مماليكه علم الدين قيصر، ثم توجه للقدس من ناحية عين سلوان.

صلاة بيت المقدس

وصلى المسلمون الجمعة على جبل ناحية عين سلون، وبدئوا بعدها القتال، خاصة أنه لم يتبقى بينهم وبين بيت المقدس سوى 1400 جندي، والبقية من الأهالي والفقراء.

فبرز للمسلمين فارس فرنجي يدعى باليان بن بارزان وجمع خلفه عدد من الكهنة والشمامسة وأصر على المواجهة واستمر القتال 14 يوم.

حكاية الأيوبي مع المسيحيين

استعان الأيوبي برجل مسيحي مقدسي، وطلب منه أن يتفق مع المسيحيين الأرثوذكس من عرب وروم يوعدهم بالخير والعفو عنهم، إذا لم يساعدوا الفرنجة في القتال وأن يسلموا المدينة لصلاح الدين من الجهة التي يسكنون بها في القدس فيُهلكوا الفرنجة، الذين رفض صلاح الدين أن يعفي عنهم بحال فتح المدينة، حتى هدد باليان بقتل الرهائن المسلمين وتدمير الأماكن المقدسة كقبة الصخرة والمسجد القبلي اللذان يُشكلان المسجد الأقصى إذا لم يعف صلاح الدين عنهم.

حكاية الفدية

وافق صلاح الدين الأيوبي على هذه الشروط، على أن تُدفع فدية على كل من فيها مقدارها عشرة دنانير من كل رجل وخمسة دنانير من كل امرأة ودينارين عن كل صبي وكل صبية لم يبلغ سن الرشد، فمن أدى ما عليه في المهلة التي قدرها أربعين يومًا، صار حرًا.

ثم سمح صلاح الدين بعد أن انقضت المهلة لمن لم يستطع الدفع منهم بالمغادرة دون فدية.

في 27 رجب 1187، دخل صلاح الدين المدينة، وسمح لليهود بالعودة للمدينة، وهو ما دفع سكان عسقلان من اليهود لاستيطان القدس، وأغلق صلاح الدين كنيسة القيامة بوجه الفرنجة بعد فتح المدينة.

كنيسة القيامة ومنبر مليح

أمر صلاح الدين الأيوبي بعد ذلك بترميم المحراب العمري القديم وحمل منبر مليح من حلب كان الملك نور الدين محمود بن زنكي قد أمر بصنعه ليوضع في المسجد الأقصى متى فُتح بيت المقدس، فأمر صلاح الدين بحمله من حلب ونُصب بالمسجد الأقصى.

وقرر الأيوبي إزالة أي آثار مسيحية، منها الصليب الذي رفعه الإفرنج على قبة المسجد، وأيضًا غسلوا الصخرة المقدسة بماء الورد وبخروها، وتم ترتيب المسجد من جديد.

ثم أعاد صلاح الدين فتح الكنيسة وقرر على من يرد إليها من الفرنج ضريبة يؤديها.

ومن هنا عادت القدس لأحضان المسلمين ولربوع الدولة الاسلامية، كما عادت الابتسامة لصلاح الدين، بعد فتح بيت المقدس والتخلص من الصلبيين.