اقتصاد العراق في زمن صدام حسين.. هكذا صمدت في وجه العقوبات الأمريكية

في ظل حكم صدام حسين كانت الحروب المتتالية بمثابة السكين التي قطعت أوصال الاقتصاد العراقي وأثرت على جميع جوانب الحياة في البلاد، مثل الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت من 1980 إلى 1988، والتي أسفرت عن خسائر بشرية تتراوح بين 500 ألف لـ مليون قتيل، واستنزفت موارد الدولة بشكل غير مسبوق؛ حيث بلغت ديون العراق حوالي 880 مليار دولار وانخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 25%، مع تدمير البنية التحتية النفطية.

اقرأ أيضًا: عبقرية خالد بن الوليد.. كيف غيرت معركة الولجة مجرى التاريخ؟

وتكبد البلاد نفقات عسكرية تجاوزت 100 مليار دولار؛ كما أثر هذا بشكل كبير على الصحة والتعليم، فكان هناك أكثر من 200 مستشفى حكومية تئن تحت وطأة نقص الأدوية والمعدات.

ولم تكد العراق تتعافى من آثار هذه الحرب، حتى اندلعت حرب الخليج عام 1990 بعد غزو الكويت، مما أدى إلى فرض عقوبات اقتصادية شاملة من الأمم المتحدة؛ مما دفع الاقتصاد العراقي إلى الهاوية، وعلى الرغم من أن المدن بدت نابضة بالحياة والأسواق ممتلئة وأكثر من 100 ألاف مدرسة ابتدائية وثانوية تكتظ بعدد يصل من 5.2 إلى 6 ملايين طالب؛ إلا إن هذا الهدوء الظاهر كان يخفي وراءه حياة مشحونة بالخوف من السلطة وشدة الرقابة.

فعلى الرغم من توافر العديد من الخدمات؛ لكن هذه الخدمات كانت تفتقر إلى الكثير بسبب هذه العقوبات؛ حيث انخفض الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 50% وانهارت قيمه الدينار العراقي من 3.2 دولار لكل دينار في الثمانينيات إلى أكثر من 3000 دينار مقابل الدولار بحلول نهاية التسعينات.

في الوقت نفسه زادت ديون العراق إلى أكثر من 130 مليار دولار؛ وتسببت الحرب في دمار واسع للبنية التحتية؛ حيث قدرت تكاليف إعادة الأعمار بأكثر من 230 مليار دولار.

وهذه الأرقام تعكس حجم التحديات الاقتصادية التي واجهتها العراق في تلك الفترة؛ حيث اصبحت الحياه اليومية للعراقيين صعبة للغاية مع تزايد البطالة والأسعار وارتفاع للتضخم وصل إلى 1 بالمئة، كما تجاوز عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر 60%. 

فر ملايين العراقيين من البلاد وارتفع عدد النازحين داخليا إلى الملايين، بجانب زيادة عزل العراق دوليا وتدهور العلاقات مع الدول المجاورة، كما تسببت في تأكل دعم النظام داخليا نتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، مما جعل عملية التعافي بعد الحروب تحديًا هائلًا للشعب العراقي.

اقتصاد العراق في الثمانينيات

تعكس هذه الأرقام التأثير العميق للحروب والعقوبات على الاقتصاد العراقي؛ مما أدى إلى نقص حاد في السلع الأساسية وصعوبة الحصول على المواد الضرورية؛ فخلال الثمانينيات كانت الواردات تشمل مجموعة متنوعة من السلع الاساسيه مثل المواد الغذائية والخامات والمعدات الطبية والألات والسلع الاستهلاكية والمعدات الصناعية بقيمة من سبعة الى 8 مليار دولار سنويًا.

اقتصاد العراق في التسعينات

وفي التسعينيات ومع فرض الحظر الدولي، انخفضت الواردات بشكل حاد لتتراوح بين 1.5 إلى 2 مليار دولار سنويًا، مع التركيز على الغذاء والأدوية؛ ورغم ارتفاع مستوى الواردات قليلًا بعد تطبيق برنامج النفط مقابل الغذاء في 1996 الذي سمح للعراق بتصدير النفط لتامين واردات السلع الأساسية إلا أنها لم تتجاوز ثلاثة إلى 4 مليارات دولار سنويًا.

إنجازات في الصناعة والتجارة

على الرغم من التحديات الكبيرة التي واجهتها العراق؛ شهدت البلاد بعض الإنجازات المهمة في مجالات الصناعة والتجارة، فتم تطوير قطاع النفط بشكل كبير، مثل حقلي الرملية وكركوك لتصبح واحدة من أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم؛ مما ساهم في تحقيق استقلال اقتصادي نسبي للعراق وجلب عائدات كبيرة استخدمت في تمويل مشاريع البنية التحتية مثل بناء والطرق السريعة كمشروع جسر الجمهورية.

كما تم تأسيس عدد من المصانع المحلية التي أنتجت سلعًا أساسية، مثل مصنع الفوسفات في القائم ومصنع الاسمنت في كربلاء؛ بجانب الأغذية والمنتجعات الصناعية كمشروع الثرثار للرأي، الذي ساعد في زيادة انتاج الحبوب بهدف تقليل الاعتماد على الاستيراد؛ فبالرغم من العقوبات الدولية نجحت بعض الشركات العراقية في توسيع نطاق تجارتها؛ مما أعطى الأمل في تحقيق اقتصاد قوي ومستقل في المستقبل.

العلامات

موضوعات ذات صلة

تعليق / الرد_من