أسسوا سابع أقوى اقتصاد في العالم.. كيف ساهم المهاجرين المغاربة في جعل فرنسا قوى عظمى؟

تعتبر هجرة المغاربة إلى فرنسا، نموذجًا مثاليًا على كيفية استغلال البلد المستضيف لهؤلاء المهاجرين، إذا ساهموا في تشكيل الاقتصاد الفرنسي، وجعله في المركز الـ 7 كأقوى اقتصاد في العالم بفضل سواعدهم وآمالهم في البحث عن وطن جديد بعيدًا عن وحشية ودمار الاستعمار، وكل هذه المعلومات التاريخية الهامة، يمكنك الاطلاع عليها عبر موقع "صوت المجلة".

كيف ساهم المهاجرين المغاربة في جعل اقتصاد فرنسا ضمن الأقوى في العالم

كان للمغاربة الفضل الأول في بناء اقتصاد فرنسا، وجعله بين قوائم الاقتصاد العالمي، إذا بدأ الاستعمار الفرنسي في المغرب منذ عام 1912 حتى 1956، وخلال هذه الفترة من الحكم الاستعماري، ساءت وتدهورت الحالة الاقتصادية لدول المغرب العربي، بل سيطروا على الأراضي الزراعية الخصبة، التي كانت مصدر دخل لمعظم سكان هذه البلاد، وحينها وجد المغاربة أنه لا مفر من الأمر الواقع، ولابد من الهجرة إلى فرنسا التي تتمتع بظروف اقتصادية أفضل من بلادهم.

وبدأت رحلة الهجرة وشد الرحال من المغرب العربي نحو الأراضي الفرنسية منذ عام 1960، وتبقى مدينة مارسيليا الجنوبية الشاهد الأول على صلة الوصل بين دول المغرب العربي وفرنسا، وكذا الأمواج التي ركبها المهاجرون على متن أشرعة السفن، تبقى هي أيضًا شاهدة على أحزان وآلام حملها عشرات الآلاف ممن تركوا أوطانهم، واجبروا على تركها لأسباب سياسية واقتصادية مختلفة، إذ جاءوا إلى فرنسا باحثين عن حياة أفضل، واستطاع المهاجرين المغاربة الاندماج في المجتمع الفرنسي طيلة عقود طويلة، وبعد فترة تسلم الجيل الأول وظائفهم وأعمالهم الشاقة والمتدنية التي لا تخلو من المخاطر والصعاب، ولكنهم اضطروا لذلك بسبب عدم امتلاكهم أي خبرات أو مهارات مسبقة.

وقد أدركت الحكومة الفرنسية وقتها أن هذه الوظائف لا يمكن ملؤها بغير المهاجرين، الذين لا خيار أمامهم سوى القبول والاستسلام لهذه الأوضاع، فعملوا في الأنفاق تحت الأرض لساعات طويلة بالوسائل البدائية المتوفرة في ذلك العصر إلى أن ظهر المترو الباريسي للنور، إضافة إلى الأعمال الأخرى التي التحقوا بها في ورش البناء وغيرها.

ونجد عند البحث في تاريخ هذه الهجرة وأسبابها، أن نحو مليون ونصف من العمال العربي، بدأت منذ الاستعمار الفرنسي لدول شمال أفريقيا، وهي هجرة أصحاب الحرف البسيطة التي لا تحتاج إلى الشهادات الأكاديمية والتقنية؛ لذلك قد توزعوا بين مختلف هذه المهن وشكلوا نحو 70% من عمال القطاع الصناعي في النظافة والمناجم ومصانع الحديد والصلب والسيارات وغيرها، مما ساهم بشكل كبير في سرعة عجلة الإنتاج والتنمية وانتعاش اقتصاد فرنسا.

وتأتي مهنة القتال في الجيش الفرنسي في المرتبة الثانية بعد تلك المهن، فاعتمدوا على المهاجرين من دول المغرب العربي وإفريقيا، ولكن وفاء فرنسا لهؤلاء لم يكن على مستوى التضحيات التي قدموها لفرنسا، ومنهم ممن بذلوا دمائهم في سبيلها، فيمكن القول أنه بفضل الجنود من شمال إفريقيا وتحديداً الجزائر، استطاعت فرنسا أن تكون عضوًا دائمًا في مجلس الأمن الدولي.

وكذلك ساعد المهاجرين المغاربة فرنسا على المستوى الرياضي، فعلى سبيل المثال المنتخب الفرنسي الذي فاز ببطولة كأس العالم روسيا 2018، بالنظر إلى التشكيلة الأساسية للفريق، نجد أنه بنسبة تفوق 90% من اللاعبين هم من أصول إفريقية أو عربية.

فبعد فترة من إقامة المهاجرين المغاربة التي دامت سنوات طويلة حتى وصل عددهم إلى أكثر من مليون مواطن مغربي، ويشكلون نحو 12% من مهاجرين فرنسا، لم يستطيعوا الرحيل لاحقًا عنها بسهولة، خصوصًا أن أبنائهم دخلوا المدارس وتعلموا اللغة وحاولوا الاندماج في الحياة الفرنسية، حتى أن بعضهم قد حصلوا على الجنسية، ليصبحوا جزءًا من المجتمع الفرنسي، لكنهم ظلوا يحملون صفة الغريب التي تتلازم مع دينهم ولونهم وجذورهم، فينظر إليهم الفرنسيين على أنهم مواطنين من الدرجة الثانية، وهكذا كان للمهاجرين المغاربة دورًا في بناء اقتصاد فرنسا، الذي يحتل المرتبة السابعة بعد الولايات المتحدة الأمريكية والصين واليابان والهند وألمانيا والمملكة المتحدة بفضل الإنتاج المحلي الإجمالي.

اقرأ أيضًا.. اقتصاد ليبيا.. هل كان مزدهرًا في عهد الراحل معمر القذافي؟ (تفاصيل لأول مرة)

العلامات

موضوعات ذات صلة

تعليق / الرد_من