السر وراء الانهيار.. ملامح اقتصاد تونس في عهد زين العابدين بن علي

نقدم لكم تحليل للاقتصاد التونسي خلال عهد بن علي، وكشف التناقضات بين المؤشرات الإيجابية والواقع الاقتصادي، وذلك بهدف فهم حقيقة النمو الاقتصادي الذي تحقق، وفيما يلي، يستعرض لكم صوت المجلة ملامح الوضع الاقتصادي في عهد زين العابدين بن علي.

رئاسة زين العابدين بن علي

عندما تولي زين العابدين بن على رئاسة تونس عام 1987، كانت البلاد تعاني من ركود اقتصادي وتدهور في مستوى المعيشة، حيث كان الاقتصاد التونسي هشا والبطالة والفقر يسيطران على حياة الكثير من المواطنين.

إنعاش الاقتصاد

 شرع بن علي في تبني إصلاحات اقتصادية لتحسين أوضاع البلاد وبناء اقتصاد حديث قائم على تحرير السوق ودعم القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية والإصلاحات الهيكلية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

 ومن أبرز قراراته، خصخصة العديد من الشركات الحكومية تقليص العجز المالي، وتخفيف القيود على التجارة الداخلية كتحول حيوي في إعادة انعاش الاقتصاد الذي كان يعاني من التضخم والديون المتراكمة.

وشهدت تونس نموا ملحوظا ارتفع فيه الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 9 مليارات دولار في أواخر الـ 80 إلى 15 مليار دولار بنهاية العقد.

أما في أوائل الألفية فقد وصل إلى أكثر من 25 مليار دولار مدعوما بتنويع الاقتصاد، حيث ركزت الحكومة على قطاعات الصناعة الزراعة والخدمات مع التركيز على السياحة، كمصدر رئيسي للإيرادات والتي ساهمت في دعم الاقتصاد التونسي بشكل كبير.

اقرأ أيضًا..  من الأنقاض إلى قمة الازدهار.. هكذا نهضت كوريا الجنوبية تكنولوجيًا من خلال التعليم والاقتصاد

السياحة في تونس

مع بداية عام 2010 كانت تونس تستقبل أكثر من 7 ملايين سائح سنويا، مما جعل السياحة تمثل حوالي 10 % من الناتج المحلي الإجمالي، بجانب التوسع في بناء الفنادق والمنتجعات لتلبية الطلب المتزايد.

ومع نهاية التسعينات بلغ عدد الفنادق حوالي 600 فندق مع طاقة استيعاب تقدر بأكثر من 200 ألف سرير، لكن خلف تلك الأرقام كانت هناك حقائق صادمة تنتظر الكشف.

تونس وإنتاج زيت الزيتون

فبينما بدأ النمو الاقتصادي في تونس خلال عهد ابن علي، كان هناك تساؤلات حول استدامته فحينما ركزت تونس على صناعات خفيفة مثل صناعات الملابس والإلكترونيات وتصديرها إلى أوروبا بالإضافة إلى الزراعة، أصبحت واحدة من أكبر منتجي زيت الزيتون في العالم.

تونس وأوروبا

ومع زيادة الصادات إلى الاتحاد الأوروبي بشكل كبير ، استفادة تونس من موقعها الجغرافي وعلاقتها القوية مع أوروبا، زادت صادراتها لتصل لـ 14 مليار دولار سنويا بحلول عام 2010.

 وكانت فاتورة الاستيراد ترتفع أيضًا، حيث تجاوزت 18 مليار دولار، مما أدى لعجز تجاري كبير رغم ذلك النمو.

البطالة في تونس

وأصبحت مشكلة البطالة تلقي بظلالها على المجتمع، حيث بلغت النسبة حوالي 13 % على المستوى الوطني، لكنها وصلت لأكثر من 255 % في المناطق الداخلية الفقيرة.

وهذه الفجوة الاقتصادية بين المناطق الساحلية المزدهرة والمناطق الداخلية الفقيرة زادت من الاحتقان الاجتماعي، واصبحت مصدر توتر شعبي.

الفساد والمحسوبية

برغم من الإصلاحات الاقتصادية، ظل الفساد والمحسوبية عائق أمام تحقيق تنمية متوازنة، بعد هيمنة عائلة بن علي وبعض المقربين على أجزاء كبيرة من الاقتصاد.

مما قوض الثقة في الحكومة وخلق شعورا بعدم المساواة رغم الطفرات في تطوير البنية التحتية وبناء الموارد والمطارات، إلا أن تركز معظم الاستثمارات في المناطق الساحلية عمق الفجوة الاقتصادية بين المناطق المختلفة.

 واثبت التاريخ، أن النجاح الاقتصادي دون إصلاحات اجتماعية وسياسية حقيقة هو مجرد وهم سريع الانهيار، وهكذا انتهى عهد بن علي بتركه ثقيلة من الإنجازات الاقتصادية التي كانت تفتقد إلى الجذور.